Wednesday, January 21, 2009


العلاقات الإنسانية هي المصدر الأساسي لفرحنا وحزننا والسبب الأساسي إما لعذوبة الحياة أو لعذابها. ولكون العلاقات هي أهم ما يميزنا كبشر، فإننا نجد أن المخ البشري مصمم لكي يتواصل مع الآخرين ويلتقط موجات مشاعرهم لكي نتوافق مع بعضنا البعض ونضبط إيقاع قلوبنا معاً. هذا التواصل ليس فقط طبيعة إنسانية ولكنه أيضاً مهارات تحتاج لأن ننميها لكي نرفع من مستوى ذكاءنا الاجتماعي بشقيه ـــ الحس الاجتماعي والقدرة الاجتماعية. العلاقات الصحية تقع دائماً في صورة توازنات منضبطة بين طرفين متقابلين ــ بين الكلام والاستماع والأخذ والعطاء. كما أن مهارة ضبط الاقتراب والابتعاد وصنع حدود صحية في العلاقات من المهارات الحيوية للعلاقات الصحية المشبعة. تمر العلاقات أيضاً بمواسم خلال مراحل العمر المختلفة من الرضاعة للطفولة ومن المراهقة للرشد. عندما نفهم هذه المواسم المختلفة وطبيعة علاقاتنا فيها، نستطيع أن نضبط إيقاع علاقاتنا بما يحقق لنا حياة أكثر إشباعاً واستقراراً.

لكل منا صورة عن نفسه تتكون من أفكار ومشاعر وتقييم للنفس. هذه الصورة الذاتية تتأثر بمقدار الحب الذي أخذناه في الطفولة، كما تتأثر بالعلاقات ومفاهيم المجتمع والمفاهيم الدينية. يظهر تأثير الصورة الذاتية من خلال عدة أمور في حياتنا مثل درجة اهتمامنا بالمظهر الخارجي ورضى الناس وموقفنا من قضية النجاح والفشل. قد تتحول الرسائل السلبية التي سمعناها في الطفولة إلى ناقد داخلي يظل بداخلنا يستمر في إذاعة رسائل اللوم والتأنيب، ونتيجة لذلك تتكون لدينا ذات دفاعية نحاول من خلالها أن نرد على هذه الاتهامات ونبرر أنفسنا منها. بين الذات الناقدة والذات الدفاعية، قد تغيب عنا رؤية الحقيقة ويقف نمونا الروحي والوجداني. لكي تنمو لدينا صورة ذاتية صحية، نحتاج لأن نتعلم أن نسكت الناقد الداخلي ونهدئ الذات الدفاعية ونحاول أن نعرف أنفسنا كما هي ونقبلها بضفعها وقوتها ونحيا من أجل أهداف سامية تتجاوز حياتنا الفردية.

الإساءة هي التعرض لخبرة أو موقف يسبب مشاعر شديدة من العجز والخوف والخزي. قد تكون الإساءة بالإيذاء أو بالإهمال ونقص الحب أو السيطرة. الإساءة أمر نسبي وذاتي لا يتوقف على ما حدث بقدر ما يتوقف على مشاعر الخوف والخزي الناتجة. ما يسبب الخوف والخزي لدى إنسان ربما لا يسبب نفس المشاعر بنفس الشدة لدى شخص آخر لذا لا يجب المقارنة. تعرض البالغين للإساءات يشكل ضغط نفسي عليهم أما تعرض الأطفال لها فيؤثر في بنيان شخصياتهم وبالتالي يؤدي إلى تأخر نضوجهم الوجداني. التعافي من الإساءات التي تعرضنا لها في الطفولة مسيرة من النمو والنضوج نحتاج فيها إلى فهم أنفسنا واستيعاب ما حدث لنا ونحتاج إلى محبة الله والناس. لقد أعطى الله البشر حرية، وهم قد يستخدمونها في الإساءة إلى بعضهم البعض. الله لن ينزع الحرية من الإنسان، لكن من يطلب الله ويفتح قلبه للبشر، فإنه يسير في طريق التعافي والنضوج.